Skip to Content

ما هو علم التخلق؟ L’Epigénétiques

وردة عوينات و حفيظة الجو
April 22, 2024 by
وردة عوينات و حفيظة الجو
| No comments yet

بقلم: وردة عوينات و حفيظة الجو

ما هو علم التخلق؟ L’Epigénétiques


     علم التخلق أو علم التخلق المتعاقب أو علم التخلق المتوالي: هو دراسة التغيرات التي تحدث لنمط ظاهري وراثي لأسباب لا تتعلق بتغيير تسلسل ADN. وهو حقل علمي ناشئ يدرس التغيرات التي يحدثها تنشيط الجينات وتثبيطها دون إحداث أي تغيير على سلسلة الحمض النووي. يعود أصل الكلمة ما فوق جينات Epigénétiques إلى اليونانية، وتعني حرفيا على طول الجينوم وأعلاه. لفهم وتبسيط هذا المعنى يمكننا تشبيهها بحركات التشكيل اللفظي للكلمات. في حين أن الحمض النووي هو اللغة.

      علم التخلق هو دراسة كيف تحدث السلوكيات البيئية تغيرات تؤثر في ألية عمل المورثات.

       وعلى عكس التغيرات الوراثية فإن التغيرات ما فوق الجينية قابلة للعكس ولا تغير من تسلسل الحمض النووي، لكنها تؤثر في طريقة قراءة جسدك له.

يشير التعبير الجيني إلى صنع البروتينات و كميتها تبعا للتعليمات الصادرة عن المورثات وفي حين يمكن للتغيرات الوراثية تبديل البروتين المصنع فإن التغيرات الما فوق جينية تؤثر في التعبير الجيني للتثبيط والتنشيط.

      و إذا كانت البيئة والسلوكيات، مثل الحمية الغذائية والرياضة وغيرها قد تؤدي إلى تغيرات فوق جينية، فمن السهل إدراك الرابط بين جيناتك وسلوكياتك و بيئتك.

آليات عمل ما فوق الجينات:

تؤثر التعبيرات الما فوق جينية في التعبير الجيني بآليات مختلفة، وتتضمن أشكال التغييرات ما يلي:

1.   مثيلة الحمض النووي: وذلك بإضافة مجموعة كيميائية لسلسلة الحمض النووي نموذجيا، تضاف هذه المجموعة في مواقع محددة من سلسلة الحمض النووي لتعيق ارتباط البروتينات القارئة للمورثة بالحمض النووي.

2.   تبديل الهيستون: تلتف سلسلة الحمض النووي حول بروتينات تسمى الهيستونات، ولا تستطيع البروتينات القارئة للمورثات اختراق سلسلة الحمض النووي الملتفة بإحكام حول الهيستون، فتثبط الجينات الملتفة حول الهيستون وتنشط الجينات الغير ملتفة حوله.

3.   الحمض النووي الريبي المشفر: يستخدم الحمض النووي الريبي المنقوص من الأكسيجين دليلا لصنع الحمض النووي المشفر و غير المشفر. و يستعمل الحمض النووي الريبي المشفر في صنع البروتينات في حين يساعد الحمض النووي غير المشفر على التحكم في التعبير الجيني بالارتباط بالحمض النووي الريبي المشفر.

كيف تتحول ما فوق الجينات؟

     تتغير ما فوق الجينات مع التقدم في السن، استجابة للتطور الطبيعي والشيخوخة. إضافة إلى السلوكيات والبيئة.

     تبدأ التغيرات ما فوق الجينية بعد الولادة، فكل الخلايا المورثات تكون هي نفسها، لكنها تظهر وتعمل بطرق مختلفة، ومع النمو والتطور تساعد ما فوق الجينات على تحديد وظيفة الخلية و عملها مثلا: هل ستغدو خلية قلبية أو عصبية أو جلدية؟.

      فمثلا قد نجد أن الخلايا العضلية و العصبية لها نفس الحمض النووي لكنها تعمل بطرق مختلفة، تنقل الخلية العصبية المعلومات إلى خلايا أخرى أما الخلية العضلية فلها بنية تعزز قدرة الجسم على الحركة.

     تسمح ما فوق الجينات للخلية العضلية أن تنشط مورثاتها لاصطناع البروتينات الضرورية لعملها وتثبط المورثات الضرورية لعمل الخلايا العصبية.

ما فوق الجينات والشيخوخة:

      تتغير فوق الجينات خلال حياتنا. فهي عند الولادة ليست ذاتها خلال الطفولة والبلوغ. كما أن التغيرات فوق الجينية لا تدوم فقد تضاف لها بعض التغيرات أو تزال استجابة للتغيرات السلوكية والبيئية. مثلا: قد يؤدي التدخين إلى تغيرات ما فوق جينية: مستوى مثيلة الحمض النووي عند المدخنين أقل منه عند غير المدخنين. ويتضح الاختلاف لدى المدخنين بشراهة أو على المدى الطويل.

يزداد الحمض النووي لدى المدخنين بعد إقلاعهم عن التدخين ليبلغ في النهاية مستوى مشابه لغير المدخنين. قد يحدث هذا في بعض الحالات خلال أقل من سنة لكن الفترة الزمنية تعتمد على معدل التدخين ومدته قبل الإقلاع.

علم الوراثة و علم التخلق:

     اهتم علم الوراثة بدراسة التعبير الجيني و تسلسل الحمض النووي و التغيرات الجينية كإضافة ما ساهم في تطوير فهمنا للعديد من الأمراض.

     إلا أننا شاهدنا في العقدين الماضيين تحديدا الإهتمام بعلم التخلق أو العلم اللاجيني، ودراسة وجود تغيرات وراثية في التعبير الجيني دون وجود تغيرات في تسلسل الحمض النووي. أي التغير في النمط الظاهري من دون وجود تغير في التركيب الوراثي.

     التغيرات فوق الجينية أو اللاجينية هي أحداث طبيعية تحدث عندما تكون الجينات في حالة من النشاط الفعلي.و يمكن أن تتأثر بعدة عوامل خلال الحياة الإنسانية بما في ذلك العمر والبيئة ونمط الحياة. إلى جانب حالة الشخص الصحية. والتغيرات اللاجينية قابلة لعكسها.

      والأنظمة الثلاثة المعروفة لتعديلات الوراثة اللاجينية هي مثيلة الحمض النووي وتغيير بروتين الهيستون والتنظيم غير المرمز للحمض النووي الريبي

أهم الدراسات في المجال اللاجيني.

المحور الأول: تأثير الرعاية الأمومية في ما فوق الجينات.

     انطلق  علم التخلق أو نظرية ما فوق الجينات  من حدود علم الجينات. وجاءت كوسيلة للإجابة عن الأسئلة التي عجز علماء الوراثة التقليدية المعتمدين على الجينات في تفسير جميع الظواهر الإنسانية، خصوصا  الصحية منها، عن إيجاد حل مقنع لها. أسئلة من قبيل لماذا يصاب أغلبية الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم أثناء الحمل لسوء التغذية بالسمنة لاحقا، وذلك رغم حرص هؤلاء الأطفال على الحصول على التغذية الجيدة؟ وما هو السبب الحقيقي الذي يجعل احتمال إصابة الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم في فترة حملهم لمواد كيميائية ولمضادات الغدد الصماء والإجهاد بمرض السكري أو انخفاض الخصوبة يكون مرتفع جدا مقارنة بغيرهم؟ وما الذي يجعل توأمان متطابقان جينيا تصيبهما بأمراض مختلفة؟.

هاته الأسئلة المحيرة وغيرها هي ما دفعت مجموعة من العلماء إلى إعادة النظر في الفكرة التي تربط كل شيء بالجينات. و جعلتهم يبحثون عن تفسيرات أخرى، حيث توصلوا إلى وجود بعدين أساسيين  يتحكمان في حياة وصحة الإنسان وهي الجينات وفوق الجينات .

وقد نجد نوعا ما جزءا من الفرضيات التي تقوم عليها هاته النظرية في نظرية تطورية سابقة، و التي يتبناها علم النفس التطوري وهي ثنائية الوراثة ومفادها أن التطور الوراثي الذي يكون الآليات النفسية وداراتها العصبية، يتفاعل مع تطور السياق الثقافي للفرد، حيث أنهما متلازمان في التطور. فالآليات الجينية تولد شروطا ثقافية قابلة للتحول بفعل التعلم من خلال تحديدها لما يستطيع الإنسان تعلمه. وبهذا فهي تحدد قدرة الدماغ على التعلم الاجتماعي والتخزين الثقافي. وتحدد أيضا كيفية تعلم الإنسان تبعا لبنية دماغه وداراته العصبية، فمثلا ثقافة الرعي وتربية المواشي واستهلاك منتجات الألبان، هي ما أدى إلى انتقاء المورثات التي تسمح بامتصاص مادة اللاكتوز. وبالتالي حين تتشكل هاته الآليات تعود بدورها لتحدد الإدراك الانتقائي للمثيرات البيئية. لهذا فالثقافة بدورها تؤثر في المورثات من خلال مبدأ الانتقاء الطبيعي. "كتاب علم النفس التطوري لدافيد باس".

      هاته النظرية وغيرها من النظريات التطورية القائمة على الإنتقاء الطبيعي، ألهمت مجموعة من العلماء والباحثين في علم الوراثة من أمثال البروفيسور "موشي سايف" الدكتور في علم الأدوية و الوراثة من جامعة ماكفيل. حيث اشتغل على فرضية كانت تبدو في البداية جنونية نوعا ما وربما غير مقبولة عند علماء الوراثة التقليديون. وهي: ربما تقوم الرعاية الأمومية بتغيير طريقة تحديد الحمض النووي للطفل. وللتأكد من صحتها قام بدراسة على إناث الفئران حديثات الولادة.  واكتشف أن سلوك التنشئة لدى الأمهات شكل ما فوق الجينوم عند صغارها، و تحكم أيضا في صياغة نمط شخصياتها. حيث أن لعق الفأرات للجراء يحفز لديهم تغيرا على المستوى الكيميائي في أدمغتهم، فهذا الفعل ينظم كمية هرمون الكورتيزول لدى الجراء. فكلما انخفضت نسبة العناية بالجرو كلما زاد لديه إفراز هرمون التوتر في مرحلة البلوغ.

    توصل سايف كذلك إلى كون الأمهات اللاتي لم يحصلن على عناية كافية في صغرهن، لم يمنحن صغارهن الرعاية الكافية أيضا. هذا الاستنتاج دفعه للقول بوجود شيئين مهمين الأول هو: أن الأمومة البيولوجية ليس هي العامل الحاسم في حياة وصحة الصغير، بل الدور الأعمق في ذلك يعود للأم الحاضنة. لذلك فهذا الاستنتاج يفتح المجال أمام إمكانية التبني. لأن الأم الحاضنة تستطيع أن تكون أكثر فاعلية من الأم الحقيقية. هذا ما جعله يقترح أن الجينات ليست العامل الذي يؤثر في سمات الشخص، أي أنها ليست وراثية. أما المعطى الثاني فهو: الآلية حيث وجد تغيرات في ما فوق الجينوم في أدمغة الجراء التي تلقت رعاية أمومية جيدة، على مستوى الكرومين والهيستونات والحمض النووي. فكانت هاته أول حجة على أن الأم تترك بصمتها الكيميائية في الحمض النووي الخاص بطفلها. والأهم من ذلك هو أن هاته البصمة غير نهائية رغم ثباتها حيث يمكن تغييرها وجعل تأثيرها مضادا وذلك عن طريق العلاج اللاوراثي.

     يبدوا أن الاستنتاج الأول الخاص بأهمية الحضانة في تعديل المورثات المسؤولة عن الصحة وعن السمات الشخصية، لديه أساس قديم يرجع إلى نظرية اللياقة المتضمنة التي صاغها "وليم هاملتون". والتي هي مزيج بين اللياقة الكلاسيكية أي قياس النجاح المباشر للفرد في التكاثر من خلال نقل مورثاته بواسطة الإنجاب والآثار التي تمارسها سلوكات هذا الفرد على نجاح التكاثر لدى أقاربه الوراثيين و الوراثيات. حيث أن هاته النظرية أعادت النظر في تفسير الوالدية. فهاملتون رأى أن اللياقة الكلاسيكية قاصرة عن وصف عملية التطور بالانتقاء. فالانتقاء الطبيعي يعطي أفضلية للخصائص التي تسبب انتقال مورثات المتعضي، بغض النظر عن إن كان هو من أنجب الذرية أم لا. فيمكن للمتعضي أن يزيد من احتمالية تكاثر مورثاته واستمرار بقائها من خلال مساعدة أقاربه الجينيين على التكاثر لأن لدى هؤلاء احتمال كبير  أن يحملوا نسخا من مورثاته.

فاللياقة المتضمنة هي خاصية مميزة لأفعال الفرد وأثرها.

      بعد التجربة التي قام بها سايف على الفئران انطلق للتأكد من صحة استنتاجاته على البشر كذلك. فتوصل مع فريقه إلى أن الأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة في صغرهم تكون لديهم علامات فوق جينية مختلفة في الحمض النووي الموجود في الحصين عن أولئك الذين لم يعيشوا نفس الظروف في طفولتهم.

المحور الثاني: تأثير النظام الغذائي في المورثات:

     درس  Randi Jertel أحد المسؤولين عن انطلاق الأبحاث في علم التخلق وهو عالم في بحوث السرطان. درس  آثار تعرض فأر الأغوطي للبيئة أثناء تواجده في رحم أمه. بهدف التأكد من الفرضية القائلة أن الإصابة بالأمراض ربما ليست مشكلة في الجينات بل في البرنامج الذي يسمى فوق الجينات.

      بدأ دراساته في ما فوق الجينات بعد أن اكتشف بالصدفة أن هناك مورثة تثبط الأورام السرطانية متحكم فيها من طرف عوامل بيئية وليس جينية. الشيء الذي جعله يوقن بأن علماء الوراثة لا يحيطون بكل زوايا هذا المجال.

      قام راندي بالتجربة على على فأرتين ذهبيتين من النوع الأغوطي متطابقتين جينيا. وقام بمتابعة فترة حملهما بمنح الأولى نظاما غذائيا معالجا بمكونات غذائية، كالميتائين وحمض الفوليك و فيتامين B12 والكولين، والأخرى جعلها تتغذى طيلة فترة الحمل على غذاء طبيعي. وبعد ولادتهما لاحظ أن الجرو الذي اتبعت أمه تغذية معالجة كان لون فرائه بنيا لامعا ويتمتع بصحة جيدة. أما الفأر الذي تناولت أمه غذاء طبيعيا فكان لونه أصفر فاتح، و له استعداد وراثي لعدة أمراض.   حيث أن الفئران الصفراء تصاب بعدة أمراض خلال حياتها، كالبدانة والسكري والسرطان، بينما البنية لا تصاب بها. "وثائقي الشرق عجائب ما فوق الجينات" 2022.

     أثارت دراسة جيرتل جدلا واسعا في الوسط العلمي بعد نشره لتقرير مقتضب حولها سنة 2003.

     وما زاد من مصداقية نتائجها كونها أكدت دراسات سابقة حول الإنسان، من قبيل تلك التي أجريت على الأطفال الذين ولدوا خلال المجاعة الهولندية الناتجة عن الحرب العالمية الثانية، في فترة سيطرة النازيين على جزء من هولندا. والتي خلفت  عشرين ألف وفاة. وكانت هناك نساء حوامل في تلك المنطقة خلال هاته الفترة التي تزامنت مع فصل الشتاء، فأدى النقص الشديد في التغذية والضغوطات المصاحب لذلك على الأمهات، إلى ظهور أمراض القلب والشرايين والبدانة على نسلهن في ما بعد. كما أنهم أصيبوا أيضا بمضاعفات أخرى كالفصام.

تقول سوزان كينغ عالمة النفس الاجتماعي من مؤسسة دوغلاس للطب النفسي من جامعة ماكفيل. أن المشيمة أدركت أن هناك انخفاض في وفرة الطعام ما جعلها تبرمج عملية التمثيل الغذائي للجنين.

     وهذا ما دفع هؤلاء الأطفال إلى الشراهة بعد الولادة. وهذا أيضا ما جعل المجتمع الهولندي يصبح محبا للوفرة والإسراف بعد الحرب. لذلك بدأت تظهر لديهم مجموعة من الأمراض المتعلقة بالتغذية، كالبدانة والسكري وغيرها. والغريب في الأمر أن هاته الآثار الصحية الضارة ستستمر حتى الجيل الموالي، أي أنها قد تظهر حتى عند أحفاد الذين تعرضوا للمجاعة، وهذا دليل كبير على إمكانية توريث الإرث الفوق الجيني من جيل لآخر.

      اهتم علم التخلق  بدراسة واحدة من بين هاته المشاكل التي يواجهها الهولنديون اليوم، والتي أصبحت مشكلة عالمية. وهي  مشكلة البدانة  والآثار الصحية الخطيرة الناتجة عنها. و حاول البحث عن السبب في البرنامج الما فوق جيني لإيجاد حل لها. فتوصل العديد من الباحثين في هذا المجال، إلى أن البرنامج الذي يحمل طفل تعرضت أمه للإجهاد ونقص التغذية أثناء حملها، يقوم بقراءة ذلك الضغط الذي مر به في الرحم على أنه نقص في الموارد الغذائية، ما يجعله يظن أنه دائما معرض لأن يقع في نفس الحالة، وهذا ما كان عليه البرنامج الوراثي لأسلافنا القدامى، في مجتمعات الصيد والقطف، نظرا لندرة الطعام فيها.   لكننا اليوم لم نعد كذلك فنحن محاطون بالطعام  دائما و في كل حين. لذلك فالجين الذي كان يعتبر حاميا لنا من الجوع أصبح اليوم هو السبب وراء إصابة جلنا بالسمنة والأمراض المرافقة لها. لدى فبإمكان علم التخلق وضع استراتيجيات سلوكية، بهدف إعادة برمجة فوق جينات الإنسان، وتعديل هذا التطبيق الذي لم يعد صالحا. ويمكنه فعل ذلك من خلال أحد  الأنظمة اللاجينية الثلاثة لتثبيط المورثات المسؤولة عن تفعيل هذا التطبيق.  فعلم ما فوق الجينات لديه القدرة على  التدخل وتغيير البرامج الوراثية لأي كان دون المساس بجيناته أو استخدام أدوية .  

المحور الثالث: تأثير التوتر والعوامل المصاحبة له في ما فوق الجينوم.

     درست سوزان كينغ تأثير الضغط والتوتر وما يصاحبه من عوامل مستمرة لمدة معينة و التي قد تعيشها الأم، على صحة جنينها. واتخذت من الظروف التي عاشتها مجموعة من الحوامل الكنديات أثناء كارثة العاصفة الجليدية التي حدثت في كيبيك سنة 1998، والتي سقطت جراءها أعمدة الكهرباء، ما جعل ثلاثة ملايين شخص يعيشون لمدة ١٤ يوم بدون كهرباء. وانخفضت درجة الحرارة إلى عشرين درجة تحت الصفر، حيث عاش الكنديون جوا من التوتر والضغط بسبب عدم وجود تدفئة ولا طعام كافي. الشيء الذي جعلهم كمن في وضعية حرب.

قامت سوزان بدراسة تأثير حالة الإجهاد الناتجة عن هاته الكارثة، والتي عانت منها الحوامل على أطفالهن بعد الولادة.

     من بين الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم لذلك الإجهاد طفل أصبح  يبلغ من العمر عشرين سنة اليوم. هو الآن يمارس حياته بشكل طبيعي.  لكنه عانى في طفولته من عدة أمراض لم تكن موجودة في جينات أبويه أو أي شخص من عائلته. كالحساسية من الفول السوداني والمنتجات البحرية والحليب، وعانى كذلك من الارتجاع المعدي و التهاب الحنجرة، وكانت لديه صعوبات في النطق والتحدث بطلاقة في سن التمدرس وهو أمر لا يتعلق بجينات العائلة كذلك.

خلاصة:

    الأبحاث و الدراسات في علم ما فوق الجينات لازالت في بدايتها لكنها تبشرنا بمستقبل قد يكون خاليا من المشاكل الصحية أو على الأقل سيتيح لنا إمكانية التحكم فيها من خلال التدخلات العلاجية الما فوق جينية. والتي تستهدف جذور المرض أو الاضطراب بمسح أو تعديل البرنامج الوراثي المسؤول عنه. وهذه الأبحاث تحاول اليوم الإحاطة حتى بالأمراض والاضطرابات النفسية وليس فقط العضوية. 


المراجع:

·        وثائقيات الشرق عجائب علم ما فوق الجينات 2022

·        كتاب علم نفس التطور لدافيد باس

·        مقال علم التخلق وعلم الوراثة من موقعL’institut Dasman de Diabètes


in
Sign in to leave a comment